مادة التاريخ السنة الرابعة متوسط - الجيل الثاني
المقطع الأول : الوثائق التاريخية
الموضوع : مضمون نداء دي بورمون
أول بيان وجهته فرنسا للشعب الجزائري بعد الإنزال العسكري في الجزائر عام 1830 (نداء دي بورمون لسكان العاصمة)
هذه مناداة من سار عسكر أمير الجيوش الفرنساوية إلى سكان الجزائر وأهالي القبائل
(بسم الله المبدي المعيد وبه نستعين)
يا أيها ساداتي القضاة و الأشراف و العلماء وأكابر المشايخ والاختيارية، اقبلوا مني أكمل السلام وأشمل على اشراف قلبي بمزيد من العز و الإكرام، أما بعد اعلموا هداكم الله إلى الرشد و الصواب سعادة سلطان فرانسه مخدومي وعزة جنابه الأعلى عز نصره، قد أنعم علي بتوليته أي منصب سار عسكر ويا أعز أصدقائنا ومحبينا سكان الجزائر ومن ينتمي إليكم من شعب المغاربة أن الباشا حاكمكم من حيث أنه تجرأ على بهدلة بيرق فرانسه المستحق كل اعتبار، وإقدام على إهانته فقد سبب بجهله هذا كل ما هو عتيد أن يحل بكم من الكوارث و المضرات لكونه دعي عليكم الحرب من قبلنا، فإن عزة اقتدار سلطان فرانسه دام ملكه نزع الله من قلبه ورأفته المعروفة المشهورة، فلا بد أن هذا الباشا حاكمكم – من قلة بصيرته وعماوة قلبه – قد جذب على نفسه الانتقام المهول، وقد دنا منه القدر المقدر عليه ومن قريب يحل به ما استحقه من العذاب المهين.
أما أنتم يا شعب المغاربة، اعلموا أو تأكدوا يقينا أني لست آتيا لأجل محاربتكم، فعليكم أن لا تزالوا آمنين ومطمئنين في أماكنكم وكل ما لكم من الصنائع والحرف براحة سر. ثم إني أحقق لكم أنه ليس فينا من يريد يضرّكم لا في مالكم ولا في عيالكم ومما أضمن لكم أن بلادكم وأراضيكم وبساتينكم وحوانيتكم وكل ما هو لكم صغيرا كان أو كبيرا يبقى على ما هو عليه ولا يتعرّض لشيء من ذلك جميعه أحد من قومنا، بل يكون في أيديكم دائما، فامنوا بصدقي كلامي، ثم إننا نضمن لكم أيضا ونعدكم وعدا مؤكدا غير متغير ولا متأول أن جوامعكم ومساجدكم لا تزال معهودة معمورة على ما هي عليه الآن و أكثر، وأنه لا يتعرّض لكم أحد في أمور دينكم وعبادتكم، فإنّ حضورنا عندكم ليس هو لأجل محاربتكم وإنما قصدنا محاربة باشتكم الذي بدأ وأظهر علينا العداوة و البغضاء. ومما لا يخفى عليكم غاية تحكمه وقبح طبعه المشؤوم.
ولا ينبغي لنا أن نطلعكم على أخلاقه الذميمة وأعماله الرذيلة فإنّه واضح لديكم لأنّه لا يسعى إلا على خراب بلادكم ودثارها وتضييع أموالكم وأنفسكم. ومن المعلوم أنّه إنما يزيد أن يجعلكم من الفقراء المنحوسين المبهدلين الخاسرين أكثر من المسخط عليهم، فمن أعجب الأمور كيف يغبى عنكم أن باشتكم لا يقصد الخير إلا لذاته. والدليل كون أحسن العمارات والأراضي والخيل والسلاح واللبس والحلي وما أشبه ذلك كله من شأنه وحده.
فيا أيها أحبابنا سكان المغرب أنّه عزّ وجل ما سمح بأن يصدر من باشتكم الظالم ما فعله من أعمال الخبث والردى إلا إنعاما منه سبحانه وتعالى عليكم حتى تحصلوا بهلاكه وبزوال سلطنته على كل خير، ويفرج عنكم ما أنتم فيه من الغم والشدة و إذ و الحال هذه أسرعوا واغتنموا الفرصة و لا تعمى أبصاركم عما أشرفه الله عليكم من نور اليُسر و الخلاص، و لا تغفلوا عما فيه مصلحتكم، بل استيقظوا لكي تتركوا باشتكم هذا وتتبعوا شورنا الذي يؤول إلى خيركم وصلاحكم. وتحققوا أنه تعالى لا يبغي قط ضرر خليقته، بل يريد أن كل واحد من براياه يجوز ما يخصه من وافر نعمه التي سبغها على سكان أرضه.
يا أيها أهل السلام إن كلامنا هذا صادر عن الحب الكامل، وإنّه مشتمل على الصلح و المودّة وأنتم إذا شيعتم مراسليكم إلى أوردينا حينئذ نتكلم وإياهم و المرجو من الله تعالى أن محادثتنا مع بعضنا بعض تؤول إلى ما فيه منافعكم وصلاحكم، وعشمنا بالله أنكم بعدما تحققتم أن مقاصدنا و غياتنا الفريدة ليست هي سوى خيركم ومنفعتكم تشيعوا لنا صحبة مراسليكم كل ما يحتاج إليه عسكرنا المنصور من الذخائر ما بين طحين و سمن وزيت و عجول و غنم وخيل وشعير وما يشبه، وحين وصلت مرسلاتكم هذه إلينا فحالا ندفع الثمن فلوسا نقدية على ما تريدون و أكثر.
هذا وأما إن كان منكم معاذ الله خلاف ذلك حتى تختاروا محاربتنا ومقاومتنا، اعلموا أن كل ما يصيبكم من المكروه والشر إنما يكون سببه من جهتكم فلا تلوموا إلا أنفسكم فأيقنوا أنّه ضدّ إرادتنا، فليكون عندكم أنّ عساكرنا المنصورة تحيط بكم بأيسر مرام ودون تعب، وإن الله يسلّطها عليكم فإنه تعالى كما أن يأمر من يجعل لهم النصر والظفر بالرحمة والمسامحة على الضعفاء المظلومين، فكذلك يحكم بأشد العذاب على المفسدين في الأرض العابثين على البلاد، فلا بد أنكم إن تعرّضتم لنا بالعداوة والشر هلكتم عن آخر.
هذا يا أيها السادة ما بدا لي أن أكلمكم به فهو نصيحة مني إليكم وأيقنوا يقينا مؤكدا أن كلام سلطاننا المنصور المحفوظ من الله تعالى غير ممكن تغييره لأنه مقدّر والمقدر لا بد أن يكون، والسلام على من سمع وأطاع.
المرجع: Revue Africaine : volume 6 , Année 1862 , p-p 153-156
هذه مناداة من سار عسكر أمير الجيوش الفرنساوية إلى سكان الجزائر وأهالي القبائل
(بسم الله المبدي المعيد وبه نستعين)
يا أيها ساداتي القضاة و الأشراف و العلماء وأكابر المشايخ والاختيارية، اقبلوا مني أكمل السلام وأشمل على اشراف قلبي بمزيد من العز و الإكرام، أما بعد اعلموا هداكم الله إلى الرشد و الصواب سعادة سلطان فرانسه مخدومي وعزة جنابه الأعلى عز نصره، قد أنعم علي بتوليته أي منصب سار عسكر ويا أعز أصدقائنا ومحبينا سكان الجزائر ومن ينتمي إليكم من شعب المغاربة أن الباشا حاكمكم من حيث أنه تجرأ على بهدلة بيرق فرانسه المستحق كل اعتبار، وإقدام على إهانته فقد سبب بجهله هذا كل ما هو عتيد أن يحل بكم من الكوارث و المضرات لكونه دعي عليكم الحرب من قبلنا، فإن عزة اقتدار سلطان فرانسه دام ملكه نزع الله من قلبه ورأفته المعروفة المشهورة، فلا بد أن هذا الباشا حاكمكم – من قلة بصيرته وعماوة قلبه – قد جذب على نفسه الانتقام المهول، وقد دنا منه القدر المقدر عليه ومن قريب يحل به ما استحقه من العذاب المهين.
أما أنتم يا شعب المغاربة، اعلموا أو تأكدوا يقينا أني لست آتيا لأجل محاربتكم، فعليكم أن لا تزالوا آمنين ومطمئنين في أماكنكم وكل ما لكم من الصنائع والحرف براحة سر. ثم إني أحقق لكم أنه ليس فينا من يريد يضرّكم لا في مالكم ولا في عيالكم ومما أضمن لكم أن بلادكم وأراضيكم وبساتينكم وحوانيتكم وكل ما هو لكم صغيرا كان أو كبيرا يبقى على ما هو عليه ولا يتعرّض لشيء من ذلك جميعه أحد من قومنا، بل يكون في أيديكم دائما، فامنوا بصدقي كلامي، ثم إننا نضمن لكم أيضا ونعدكم وعدا مؤكدا غير متغير ولا متأول أن جوامعكم ومساجدكم لا تزال معهودة معمورة على ما هي عليه الآن و أكثر، وأنه لا يتعرّض لكم أحد في أمور دينكم وعبادتكم، فإنّ حضورنا عندكم ليس هو لأجل محاربتكم وإنما قصدنا محاربة باشتكم الذي بدأ وأظهر علينا العداوة و البغضاء. ومما لا يخفى عليكم غاية تحكمه وقبح طبعه المشؤوم.
ولا ينبغي لنا أن نطلعكم على أخلاقه الذميمة وأعماله الرذيلة فإنّه واضح لديكم لأنّه لا يسعى إلا على خراب بلادكم ودثارها وتضييع أموالكم وأنفسكم. ومن المعلوم أنّه إنما يزيد أن يجعلكم من الفقراء المنحوسين المبهدلين الخاسرين أكثر من المسخط عليهم، فمن أعجب الأمور كيف يغبى عنكم أن باشتكم لا يقصد الخير إلا لذاته. والدليل كون أحسن العمارات والأراضي والخيل والسلاح واللبس والحلي وما أشبه ذلك كله من شأنه وحده.
فيا أيها أحبابنا سكان المغرب أنّه عزّ وجل ما سمح بأن يصدر من باشتكم الظالم ما فعله من أعمال الخبث والردى إلا إنعاما منه سبحانه وتعالى عليكم حتى تحصلوا بهلاكه وبزوال سلطنته على كل خير، ويفرج عنكم ما أنتم فيه من الغم والشدة و إذ و الحال هذه أسرعوا واغتنموا الفرصة و لا تعمى أبصاركم عما أشرفه الله عليكم من نور اليُسر و الخلاص، و لا تغفلوا عما فيه مصلحتكم، بل استيقظوا لكي تتركوا باشتكم هذا وتتبعوا شورنا الذي يؤول إلى خيركم وصلاحكم. وتحققوا أنه تعالى لا يبغي قط ضرر خليقته، بل يريد أن كل واحد من براياه يجوز ما يخصه من وافر نعمه التي سبغها على سكان أرضه.
يا أيها أهل السلام إن كلامنا هذا صادر عن الحب الكامل، وإنّه مشتمل على الصلح و المودّة وأنتم إذا شيعتم مراسليكم إلى أوردينا حينئذ نتكلم وإياهم و المرجو من الله تعالى أن محادثتنا مع بعضنا بعض تؤول إلى ما فيه منافعكم وصلاحكم، وعشمنا بالله أنكم بعدما تحققتم أن مقاصدنا و غياتنا الفريدة ليست هي سوى خيركم ومنفعتكم تشيعوا لنا صحبة مراسليكم كل ما يحتاج إليه عسكرنا المنصور من الذخائر ما بين طحين و سمن وزيت و عجول و غنم وخيل وشعير وما يشبه، وحين وصلت مرسلاتكم هذه إلينا فحالا ندفع الثمن فلوسا نقدية على ما تريدون و أكثر.
هذا وأما إن كان منكم معاذ الله خلاف ذلك حتى تختاروا محاربتنا ومقاومتنا، اعلموا أن كل ما يصيبكم من المكروه والشر إنما يكون سببه من جهتكم فلا تلوموا إلا أنفسكم فأيقنوا أنّه ضدّ إرادتنا، فليكون عندكم أنّ عساكرنا المنصورة تحيط بكم بأيسر مرام ودون تعب، وإن الله يسلّطها عليكم فإنه تعالى كما أن يأمر من يجعل لهم النصر والظفر بالرحمة والمسامحة على الضعفاء المظلومين، فكذلك يحكم بأشد العذاب على المفسدين في الأرض العابثين على البلاد، فلا بد أنكم إن تعرّضتم لنا بالعداوة والشر هلكتم عن آخر.
هذا يا أيها السادة ما بدا لي أن أكلمكم به فهو نصيحة مني إليكم وأيقنوا يقينا مؤكدا أن كلام سلطاننا المنصور المحفوظ من الله تعالى غير ممكن تغييره لأنه مقدّر والمقدر لا بد أن يكون، والسلام على من سمع وأطاع.
المرجع: Revue Africaine : volume 6 , Année 1862 , p-p 153-156
إرسال تعليق