-->
5024683318280263
recent
المواضيع الحديثة

مقالة المنطق الصوري في مادة الفلسفة للسنة الثالثة ثانوي جميع الشعب

الخط
 يسر مدونة التربية و التعليم ان تقدم لكم :
مقالة المنطق الصوري لجميع الشعب (شعبة اداب و  فلسفة - علوم - تقني - تسيير و رياضيات) 2020 - 2021
من اعداد الاستاذ القدير صوالحي جعلها الله في ميزان حسناته.
 
نص السؤال: هل مراعاة قواعد المنطق الصوري تعصم الذهن من الوقوع في الخطأ في التفكير؟
 
المقدمة
 يتميز الإنسان بميزة جوهرية وهي العقل، وهو قاسم مشترك بين جميع الناس، فهو ملكة ذهنية لا تتحرك حسب الأهواء والمصادفات، فمنذ بدأ الإنسان بالتساؤل عن الوجود ومظاهره كان يفكر، بمعنى أنه يستدل ويحكم دون معرفة منه لما يطلق عليه مسمى علم المنطق، أو حتى ينتبه إلى موضوعه تماما كما كان يتكلم دون أن يعلم شيئا عن علوم اللغة من نحو وصرف، وتطلق كلمة المنطق في اللغة ويراد بها أحد معنيين: نطق خارجي ويقصد به الكلام، ونطق داخلي ويراد به العقل والبرهان. ولقد احتدم الجدال والنقاش في الأوساط الفكرية والفلسفية حول أهمية وقيمة المنطق وعلاقته  بالتفكير السليم، وانقسموا بذلك إلى اتجاهين: الأول يرى أنصاره أن المنطق الصوري هو العلم الذي يبحث في المبادئ والأسس العامة للتفكير المجرد، وفي القواعد الضرورية التي يسير عليها الفكر حتى يميز بين الخطأ والصواب في جميع الموضوعات دون تمييز، وكأنه آلة تضمن صحة التفكير، بينما يرى أنصار الاتجاه الثاني أنه منطق شكلي قاصر لا يضمن صحة التفكير وسلامته وبالتالي يمكن الاستغناء عنه. من هنا ولرفع التعارض والجدال بين الموقفين حق لنا أن نتساءل:
هل التعرف على قواعد علم المنطق الصوري و مراعاتها يضمن صحة التفكير؟ و بعبارة أخرى: هل يمكن اعتبار المنطق الصوري أداة فعالة للتفكير لا يمكن الاستغناء عنها؟ أم أن المنطق مجرد تفكير نظري صوري يقوم على قواعد ثابتة لا تواكب تغيرات الواقع وبالتالي يمكن الاستغناء عنه؟
 
الاتجاه الاول
المعروف أن المنطق الصوري هو العلم الذي يتناول مجموع الشروط و القواعد الفكرية التي يقوم عليها التفكير السليم و يعد "أرسطو" مؤسس هذا المنطق بنظرية محددة القواعد تعمل على عصمة الذهن من الوقوع في الخطأ وتبعده عن التناقض مع نفسه، لهذا اعتبره "آلة العلم وصورته"، وهو بهذا يكشف لنا أن المنطق فن وصناعة تحدد صورة التفكير الصحيح وقواعده، وتعلمنا كيف نفكر وفق وحدات و شروط إذا التزم بها الفكر و طبقها عصمته من الخطأ. و الدليل على ذلك: أن ملاحظة جميع وحدات المنطق الصوري (التصورات و الحدود، التعاريف، الأحكام و القضايا، الاستدلالات) نجدها تؤسس لدقة علمية وبناء فكري محكم و فحص مضبوط للمقدمات وفق قواعد كلية يسلم بها العقل تلقائيا بغض النظر عن مضمون المعرفة وموضوعاتها، ومن هنا يكون في وسع الفكر القدرة على كشف الأخطاء والأغاليط، والابتعاد عن التناقض، و تحقيق انسجام الفكر مع نفسه. لهذا اعتبره "الفارابي": "صناعة تعطي بالجملة القوانين التي شأنها أن تقوم العقل وتسدد الإنسان نحو طريق الصواب و نحو الحق"، و بناء على هذا تظهر قيمة المنطق وقدرة قواعده على تحقيق انطباق الفكر مع نفسه و ضمان صحة التفكير و تجاوز الأخطاء.
النقد
لكن ورغم ما قدمه أنصار المنطق الصوري من أدلة وحجج إلا أن موقفهم فيه الكثير من المبالغة لأن المنطق الصوري ناقص ولا يعبر عن حقيقة الفكر من جميع جوانبه، فهو منطق اهتم بصورة الفكر وأهمل مادته مما ولد محدودية تطبيقاته.
 
الاتجاه الثاني
من هنا ظهر خصوم للمنطق الصوري وعلى رأسهم "ديكارت" و "فرنسيس بيكون" من العصر الحديث، وقبلهم "ابن تيمية" وغيره من مفكري الإسلام، حيث يتفقون على أن المنطق الصوري بقواعده لا يضمن صحة التفكير ولا يعصم الذهن من الوقوع في الخطأ، وقد اعتمد خصوم المنطق الصوري على العديد من الأدلة أهمها: أن قواعده ثابتة لا تقبل التطور، كما انه منطق ضيق لا يعبر إلا عن بعض العلاقات المنطقية، ولا يتجاوز في أبلغ صوره علاقة التعدي، رغم أن العلاقات كثيرة والواقع الرياضي يشهد على ذلك، من ناحية أخرى فهو منطق لا يخرج عن دائرة الفكر وانطباقه مع نفسه و يغفل تماما عن الواقع و موضوعاته، و من ثمة الوقوع في الأخطاء، وعدم ضمان اتفاق جميع العقول، أي أنه لا يساير الواقع وأحداثه المتغيرة، ولهذا هاجمه الكثير من الفلاسفة والمفكرين المحدثين، واجتهدوا في إبداع صور وأساليب منطقية جديدة تتناسب مع ظروف المعرفة والثقافة، ومن هنا ظهرت بدائل منطقية جديدة تبحث عن صحة التفكير وكيفية الابتعاد عن الأخطاء، كالمنطق الرمزي، والمنطق الجدلي، والمنطق الاستقرائي وغيرها من البدائل المنطقية مما يعني أن المنطق الصوري لا يضمن صحة وسلامة التفكير.
النقد
غير أن هذا الاتجاه الذي يرفض المنطق الصوري و يجتهد في إبراز محدوديته، فإن أصحابه يتغافلون عن حقيقة تاريخية هي أن المنطق كان المنطلق لتأسيس الدراسة النظرية لعمل الفكر و فهم أحكامه كنظرية. من ناحية أخرى القول بمحدودية المنطق الصوري و نقصه لا يعني بالضرورة أنه خاطئ وي جب الاستغناء عنه، لأنه في كل الأحوال يعتبر بعدا إبداعيا لفهم عمل الفكر وإظهار كيفية انطباقه مع نفسه. وهذا يؤكد دوره وفعاليته في الكثير من مجالات المعرفة الإنسانية كالرياضيات و الفلسفة و الأخلاق. و هذا ما يعني تعديله و تطويره و ليس رفضه.
 
التركيب
إن المنطق الصوري و الالتزام بقواعده مهما كان دوره و أهميته في وضع مبادئ التفكير المنطقي و إبعاد التفكير عن الأخطاء و التناقضات وضمان سلامته، لكنه من ناحية أخرى يعتبر ناقص و يحتاج إلى نماذج منطقية أخرى لتكمل نقصه و تتناول مختلف الجوانب و الموضوعات التي غفل عنها المنطق الصوري كانطباق الفكر مع الواقع، و الاستدلال الرمزي، و غيرها من الأساليب المنطقية التي تخدم فكر الإنسان وتساير تطور معارفه (عقلية، مادية، وجدانية...).

الخاتمة
و مما سبق نستنتج أن التحصن بقواعد المنطق الصوري، والتعرف على آلياته وصوره المختلفة في الحكم والاستدلال لا تعني دائما العصمة من الخطأ وصحة التفكير و البرهان برغم ما يقدمه من دقة في التفكير و مهارة في الاستدلال، إلا أنه لا يفي بكل أبعاد وأغراض الفكر الإنساني، لهذا كان لابد من الاستعانة بإبداعات منطقية جديدة. لكن هدفها جميعا العمل على ضمان صحة التفكير.
تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

نموذج الاتصال
الاسمبريد إلكترونيرسالة