-->
5024683318280263
recent
المواضيع الحديثة

مـقالة حول العدالة (التفاوت / المساواة) في مادة الفلسفة سنة ثالثة ثانوي اداب و فلسفة

الخط
 يسر مدونة التربية و التعليم ان تقدم لكم :
مـقالة حول العدالة (التفاوت / المساواة) شعبة اداب و  فلسفة 2020 - 2021
من اعداد الاستاذ القدير صوالحي جعلها الله في ميزان حسناته.
 
*هل تتحقق العادلة الإجتماعية في ضل التفاوت أم المساواة*
* مقدمة: الإنسان بحكم طبيعته الإجتماعية و الإنسانية لا يكتفي بذاته بل يحتاج إلى غيره أنه يتبادل معهم المشاعر و الأفكار و الأشياء من منطلق أنه كائن أخطائي وجدير بالبيان أن العدل هو أشرف القيم الأخلاقية غير أن تطبيقه في أرض الواقع إلى تناقض غير الآراء بين أطروحة التفاوت والمساواة وهنا يحق لنا طرح المشكلة من خلال التساؤل التالي: هل يا ترى العدالة الإجتماعية الحقة تبنى على مبدأ التفاوت أم المساواة؟؟

التحليل: (محاولة حل المشكلة):
الموقف الأول: يرى أنصار التفاوت بزعامة أفلاطون و الكسيس كاربل أن العدالة الإجتماعية يكمن شرطها في إحترام التفاوت بين الناس و قصدوا ذلك التفاوت في التركيبة العضوية و القدرات العقلية و الأدوار الإجتماعية و بيان ذلك أن الناس يختلفون بالولادة في قدراتهم و مواهبهم الجسمية والعقلية فمنهم الضعيف و منهم القوي و منهم الذكي ومنهم الغبي. فمن الظلم أن نبوئ الغبي أو الغير الكفء منصبا إداريا ممتازا يتوقف عليه نظام بعض الشؤون الإجتماعية أو غيرها و بالتالي منحه مقابل ذلك جراءات وإمتيازات عالية. تعود هذه الأطروحة إلى أفلاطون الذي رأى أن العدالة تتحدد بإعتبارها فضيلة تنضاف إلى فضائل ثلاث هي: العفة والشجاعة و الحكمة. فالعدالة حسب هذا الأخير هي أن يؤدي كل فرد الوظيفة المناسبة لقواه العقلية و الجسدية و النفسية و هي تتحقق على مستوى النفوس حيث يحدث إنسجام بين القوى الشهوائية و العقلية لدى الإنسان فالضامن الوحيد لتحقيق العدالة هو الدولة التي تملك سلطة القانون ولذلك قال في كتابه الجمهورية: "يتحقق العدل في المجتمع عندما تقوم كل طبقة بالأدوار المنوطة بها والمتناسبة مع مواهبها" وفي العصر الحديث نظر الجراح الفرنسي (ألكسيس كاريل) إلى العدالة الإجتماعية من منظور علمي حيث رأى أن النظام الطبيعي مبني على فكرة الطبقات البيولوجية و هي ضرورية لخلق توازن غذائي و توازن بيئي و النظام الإجتماعي العادل هو الذي يحترم التفاوت قال في كتابه (الإنسان ذلك المجهول): "في الأصل ولد الرقيق رقيقا والسادة سادة حقا و اليوم يجب ألا يبقى الضعفاء صناعيا في مراكز الثروة والقوة... لا مفر من أن تصبح الطبقات الإجتماعية مرادفة للطبقات البيولوجية" و حجته في ذلك أن هذا النظام يسمح لأصحاب المواهب من الإرتقاء في السلم الإجتماعي سواء الذين يمتلكون القدرات البدنية أو العقلية و من الأنظمة الإقتصادية الحديثة التي جعلت من التفاوت أساسا لتحقيق العدالة الظام الرأسمالي لأن التفاوت يكرس الحرية ويشجع المنافسة ويسمح بفتح المبادرات الفردية و يوسع مجال الإبداع يقول آدم سميث "دع الطبيعة تعمل ما تشاء" و في تفسير ذلك قال في كتابه(بحوث في طبيعة و أسباب رفاهية الأمم): "المصلحة العامة متضمنة في المصلحة الخاصة و التنافس شرط العدالة الإجتماعية" إذ لا يجب مساواة الفرد العبقري المبدع بالفرد العادي الساذج. ولا العامل المجد البارع بالعامل الكسول الخامل, بل لا بد من الإعتراف بهذا التفاوت و تشجيعه لأن ذلك يبعث على الجهد و العمل.
النقد: من حيث الشكل نلاحظ أن هذه الأطروحة ركزت على مبدأ التفاوت وتجاهلت مبدأ المساواة و من حيث المضمون نرد عليهم بأن الواقع يثبت أن الناس يختلفون في قدراتهم العقلية والجسمية لكن هذا ليس مبررا يجعل التفاوت مبدأ ضروريا لتحقيق العدالة لأنه يول الطبقية و الإستغلال والتمييز العنصري وكل ذلك يتنافى مع روح العدالة ومع القيم الإنسانية و الأخلاقية.

الموقف الثاني: على النقيض من الأطروحة الأولى يرى بعض الفلاسفة والعلماء أن العدالة الإجتماعية الحقة يجب أن تتأسس على المساواة, على إعتبار أن العدالة الإجتماعية تعني المساواة بين جميع الأفراد في الحقوق والواجبات وأمام القانون يدافع عن هذه الأطروحة فلاسفة القانون الطبيعي وفلاسفة العقد الإجتماعي وكذا أنصارالمذهب الإشتراكي وما يؤكد ذلك أن الأفراد حسب فلاسفة القانون الطبيعي كانوا يعيشون في حالة الفطرة و كانوا يتمتعون بمساواة تامة وكاملة فيما بينهم, و مارسوا حقوقهم الطبيعية على قدم المساواة لذلك فالأفراد سواسية و عليه فالعدالة يقتضي المساواة بين جميع الأفراد في الحقوق والواجبات بحكم طبيعتها المشتركة ومادام الناس متساوون في كل شيئ فما على العدالة إلا أن تحترم هذه المساواة لذلك قال الخطيب الروماني شيشرون: "الناس سواسية لا يوجد شيئ أشبه بشيئ من الإنسان بالإنسان لنا جميعا عقل ولنا حواس وإن إختلفنا في العلم فنحن متساوون في القدرة على التعلم" أما فلاسفة العقد الإجتماعي فيؤكدون ان إنتقال الإنسان من المجتمع الطبيعي إلى المجتمع السياسي تم بناء على تعاقد وبما أن الأفراد في المجتمع الطبيعي كانوا يتمتعون بمساواة تامة وكاملة. لم يكونوا ليقبلوا التعاقد ما لم يعتبرهم المتعاقدون معهم مساوين لهم. فالمساواة شرط قيام العقد وبالتالي فالعقد قائم على عدالة أساسها المساواة بين الجميع في الحقوق والوجبات. وهذه الأفكار تجسدت عند أصحاب المذهب الإشتراكي من خلال التركيز على فكرة (المساواة الإجتماعية) التي هي أساس العدالة الإجتماعية وهذا ما أكد عليه (فلاديمير لينين) بقوله: "الشيوعية نظام إجتماعي لا طبقي له شكل واحد الملكية العامة لوسائل الإنتاج والمساواة الإجتماعية الكاملة بين أفراد المجتمع" ومن الذين رفضوا التفاوت ودافعوا عن المساواة الفيلسوف (برودون) الذي رأى أن مصدر الحقوق هو الجهد وليس التفاوت الوراثي فقال: "هناك علة ضرورية لا مفر منها في التفاوت الجسمي والعقلي بين الناس فلا يمكن للمجتمع ولا للضمير الحد منها لكن من اين لهذا التفاوت المحتوم أن يتحول إلى عنوان النبل بالنسبة للبعض والدناءة للبعض الآخر".
النقد: إن كانت هذه الأطروحة تبدو للوهلة الأولى وكأنها مستساغة ومقبولة إلا أنها لا تصمد أمام النقد وتعارض نفسها لتنهار بسرعة وهي غير قادرة على الوقوف والمحاجة فمن حيث الشكل نرد عليهم بأن المساواة المطلقة و هم و لا وجود لها في أرض الواقع ومن حيث المضمون نرد عليهم بالقول صحيح إن المساواة تقضي على الطبقية و الاستغلال. إلا أنها في نفس الوقت تقتل المبادرات الفردية و تقضي على روح الإبداع و تشجع الناس على الخمول والكسل حيث تبث فيهم روح الإنكال و لعل هذا هو السبب الذي سارع في إنهيار الأنظمة الإشتراكية.

التركيب: (الفصل في المشكلة):
يتحدد مفهوم العدل لغة على أنه الإنصاف و عدم الظلم أما في الاصطلاح الفلسفي فالعدل له مفهوم عميق أنه "مجموهة من القواعد التي تحدد الحقوق والواجبات" وإذا كان من السهل تعرف العدل والتبشيرية والمطالبة بتطبيقه فإنه من الصعب تحديد الكيفية والشروط اللازمة لتحقيقه و هذه مشكلة للفصل فيها نقول العدالة الإجتماعية الحقة معادلة طرفها الأول التفاوت و طرفها الثاني المساواة حسب مجالات الحياة و في مجال الحقوق أمام المحاتم لا بد من المساواة وفي مجال القدرات والحاجات الإجتماعية لا بد من التفاوت ولن يتحقق هذا وذاك إلا في ظل إرتباط العدل بالأخلاق وكما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "أحب للناس ما تحب لنفسك تكن أعدل الناس" هذا الحل التوفيقي تأخذ به أغلب المجتمعات الراقية في سلم الثقافة والحضارة.

الخاتمة: (حل المشكلة): صفوت القول و كتلخيص عام نقول أن مشكلة العدل بين التفاوت و المساواة تدرج ضمن محور الحقوق و الواجبات و العدل ولها علاقة بمجال أوسع ألا و هو الأخلاق النسبية و الأخلاق الموضوعية و قد إتضح لنا أن أطروحة التفاوت شرطت إحترام الفرقات الفردية بين الناس على المستوى العضوي والعقلي والإجتماعي كما أقر ذلك أفلاطون و نيتشه و الإتجاه المعاكس قضت أطروحة المساواة هذا الشرط و دافعت عن المساواة المطلقة في الحقوق و الواجبات أمام القانون
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

نموذج الاتصال
الاسمبريد إلكترونيرسالة